الثلاثاء، 23 يوليوز 2019

المغرب في تاريخ اليهود نصيب

جريدة القصر الكبير 2

المغرب في تاريخ اليهود  نصيب
رام الله : مصطفى منيغ
... مهما امتدَّ الماضي لسنين طواها جزء من زمان حياتنا ، تبقى "البارحة" كلمة تتجمَّع فيها كل الأحداث التي ساهمنا لتصل نتائجها بنا ، حيث نقف اللحظة متحمسين لاسترجاع أصعب أجزائها ونقارن بينها وما كسبناه من جراء المجهود الرهيب الذي بدلناه لننتهي على خير وهي معنا .
... أظْهَرَت امرأة ما ظنَّت أنها أثبتت به تفوقاً أثار انتباهي على مراحل اقترابي منها بتؤدة وصبر ولطف في المعاملة حتى لا أخسرها ، خاصة أنها كانت موجهة بأمر صادر عمّن يحركها ، مهما اقتضت الخطة الرامية لشل عملية من تحتها لفوقها  ، أو بفشل قصد تطويقها ، أو باستحواذ مطلق متبوع بالتبديد الماسح لأثرها ، وحتى لما يمكن الاتيان بما وقع في أي حديث مُثار يخصها .
... امرأة ميَّزها الذكاء الخارق ، مهما تمثَّل الخطر أمامها من بين شِِباكه للخلاص تنطلق ، لِما أنجزتهُ لم يسبقها سابق ، تحفة متى هدأت لجو رائق ، ومصيبة المصائب حالما يعكِّر مجازها ما اعتبرته عائق ، شعرها في لون الشمس ومن جفنيها المختلطتي السواد بالأزرق  ينبعث لهيب حارق، للالتفاف حول طامع مُقْتَرب طارق ، لباب تخيلها سهلة الفتح فإذا به في حفرة اللاعودة ساقط .
... امرأة متى أفكرُ في العوامل المتاحة للتحليل والتمحيص والبحث المركز حول محور حقيقة مقنعة يمكن الوثوق بها، لربط علاقة تَمَّت وواقع يَمْنَعُ أي اتصال، بأي طريقة يحصلُ، ولو بإشارات العيون أثناء مواجهات غير مرتب لها خطةً وتوقيتاً.  لربط علاقة بما تجاوز ما لا يمكن تعايشه ولو في الأحلام، ليصل سلم التطور صعوداً درجاً درجاً لغاية الالتحام الروحي بيني وبينها ، فما أصعب المرأة إن أحبت رجلا حبا حقيقيا غير قابل لأي وصف لا يصل لملامسة الكمال والتبرك بما يضفي على المدى البعيد الإخلاص والوفاء الضامن لها ولمن يبادلها نفس الشعور الاستمرار ولو فَرَّقَ بينهما المسار ، وما أشجع الرجل طاوعه قلبه أن يخفق حبا لامرأة رآها أثقل مسؤولية بما قد يصيبه بسببها ، إذ ما اختاره لأجلها ، يفوق طاقة الاحتمال فارضاُ المواجهة (هذه المرة، عكس ما جرى في بروكسل / بلجيكا) مع جهاز يُعتبر العقل المدبر لحماية دولة كي تتوسع على مجازها غير معترفة لا بقانون دولي ترعي تنفيذه هيأة الأمم المتحدة ، ولا ما يحث عليه التعقل بقبول لغة التواصل لأدراك حسن التعامل ، جهاز الكل أمامه صفر حتى يثبت العكس ، ما يراه خارج محيطه مشكوك فيه ، لا يقبل بنصف الحلول ، يرضى عنك إن كنت عدو نفسك ، ومع ذلك وضعت ُ الجميع في كفة والمرأة التي أحببتها في أخرى تاركا الحكم للأحداث والزمن .
البداية ما كانت لتوحي عن التصدي لتجربة فريدة من نوعها ،  مَن دَخَلَها غير متماسك الأعصاب مستعد لما قد تأتي به الطريق من مخاطر سفر غير قائم على فكرة العودة بخفي حنين ، كانت إصاباته بليغة الخطورة وخيمة العواقب على جسده وروحه معا ، لكن النية الحسنة السليمة والهدف المرسوم بتقنية تقديم الدراية لمعالجة أي مجهول لا يحمد عقباه ، وبالتالي الصدق عوامل عجلت بتقديم السلامة على الندامة . وليس من فراغ وعن فراغ قيل أن الاعتراف سيد الأدلة .
...   في مطار طرابلس الدولي وجدتُ مبعوث وزارة الإعلام الليبي (الإعلام الثوري في عهد الراحل ألقذافي) في استقبالي لتسهيل إجراءات العبور الأمنية ومرافقتي لغاية فندف "الضهرة" حيث السلطة المعنية (بدعوتي لزيارة ليبيا ولقاء الأخ العقيد معمر ألقذافي لإجراء حديث صحفي ينشر في جريدة "الشعب" التي أسستها في مدينة العرائش المغربية) حجزت غرفة باسمي لتاريخ إقامة  مفتوح ، وبدل أن آخذ فسطا من الراحة اتصلتُ بمدير الفندق طالبا منه بعض الكتب التي يمكن الاستعانة بها على تكوين فكرة تقربني أكثر لمعرفة ليبيا عامة وطرابلس العاصمة بصورة خاصة ، وقبل الاستجابة تمعَّنَ في ورقة وُضِعَت فوق مكتبه بدون أدنى تفكير خِلتُها محمَّلة بمعلومات عني وأوامر عليه تنفيذها تخصنى مباشرة ، ليقف بعدها مرحبا بشخصي ترحيبا غير عادي طالبا مني الالتحاق بغرفتي وستصلني كل الكتب والمجلات والوثائق الرسمية المتضمنة المعلومات التي ستعينني حقيقة على انجاز مهمتي على الوجه الأكمل . كان الفراش في غرفتي الواسعة  وثيراً يغري بالامتداد فوقه والغوص الفوري في نوم يخفف عليَّ مشقة السفر ، لكن انشغالي بما هو أهم منعني من أي استرخاء ، بل أبعدني عن كسل اعتبرته تحدياً لحالي واستخلاصا لمشاغل لا يمكن حصرها تتربع فوقها تلك المقابلة المفروض أن تتم بيني والقذافي الحاكم الأوحد لأول جماهيرية دستورها الكتاب الأخضر ، وحكامها ثوريون يعلقون المشانق لبعضهم البعض من أجل التقرب لمقام الثائر ملك الملوك ورمز الفاتح من سبتمبر العظيم . تخيلات وقلق وعدم شعور بالاطمئنان ، ما خرجت منها إلا وأنا اتجه للباب أرى مَن الطارق ، فتحته لتمر من أمامي امرأة تجمَّعت في عطر فوَّاح من جسدها ورود ورياحين بساتين طرابلس الغرب الغناء بأسرها ، ومع قدها الممشوق تتراقص أنوثتها معلنة في غرور مقبول أن مثلها قليل في الدنيا ، شدني جمالها لدرجة ساهمت في قلع ابتسامة مَن أحسَّت أن عيناي ترسم علامة استفهام مهيكلة حول شخصها، وحتى تجعلني ارتاح من كثرة ما يدور في رأسي خاطبتني ّبدون مقدمات :
- علمت بخبر مقدمك من الدار البيضاء وكم تعبت ُلأتعود على النطق باسمك مصطفى منيغ على الوجه الصحيح وَوُجِّهْتُ لأركِّزَ اهتمامي بك اهتماماً لم اعهد غيرك قُوبل به .  لا ادري إن كانت الوضعية ستستمر معك بعد مقابلتك الأخ العقيد أم ستتغير ، وهذا خاضع لما قد تُقنع به مَن جئتَ قاصداً حلاً لقضية تؤرقك وتريد بها إعطاء الدليل أن ما ستحققه قد تكون دولة المغرب عاجزة على تحقيقه في هذا التوقيت بالذات ، أحضرت لك ما طلبته من مدير الفندق ، وأنت وحظك ، المهم إنني رهن إشارتك فيما يخص الموضوع ،ثم انصرفت دون أن تسمع مني نصف كلمة عن قصد ، وهنا شعرت برغبة شديدة للنوم والعميق وليحصل ما سوف يحصل .(يُتبع)
مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh

السبت، 20 يوليوز 2019

المغرب في قلب اليهود حبيب

جريدة القصر الكبير 2
المغرب في قلب اليهود حبيب
رام الله : مصطفى منيغ
التَّذََكُّرِ نعمة متى أَحْضَرَ لي ما أريد معايشته لحظة بلحظة كما حَدَثَ لأحتاطََ بما مضَى عمَّا يمكن أن يحدثَ ثانية . مرور الأعوام أظهر لي صواب تصرف ترتب عليه التوقف طويلا لتجاوز صدمة توارت بلا هوادة حاملة معها  ما حسبته عن نية حسنة ، نوعا من السعادة والاستقرار بما يلزم لتشييد ما يحتضن المستقبل بروحين وُجدا ليتلاحما بالحب وللحب لتحقيق نتاج زَرْعٍ يبهجهما ترعرعهُ وسطهما كأجمل هدية من سُنَّة الحياة ترسِّخ تاريخ المرور فوق تلك الدنيا الفرنسية . كنت في مدينة بروكسيل أقيم وحيدا في حي يٌدعي مولامبيك معروف بموقعه في بروكسيل 8 في ذاك العهد ، أشتغل بالمكتبة الفرنسية التابعة لوكالة توزيع الصحافة، الكائنة بشارع "بِرْسِيلْ" رقم 10 ، التي ألتَحِقُ بها مروراً على نزل "الملكي الكبير" ، لألمح ذات يوم على مدخله لافتة تعلنُ عن حاجة شركة ألمانية لموظفين يشتغلون لحسابها في فرنسا ضاربة موعدا مع الراغبين في الحصول على الوظيفة الحضور في الغد الباكر من أجل اختبار يسبق الاختيار ، كنتُ في حاجة لمعرفة الديار الفرنسية عن كثب ، فقررت الرحيل إليها إن اجتزتُ الاختبار فحصل اختياري ، وكم كنت سعيدا لأجد نفسي مع رجل وامرأتين ركبنا سيارة  يقودها السيد "فِيدْمِيرْ" مدير الشركة في باريس ، جلستُ بجوارها وبحدسي تيقنتُ أنها من أصل عربي وما أن وصلنا إلى مدينة النور/ باريس حتى علمتُ منها أنها فرنسية الجنسية من أب مغربي ، واسمها "روس" بالعربية وردة ، العربية التي لا تتقن التحدث بها أصلا .  بعد ثلاثة شهور عيّنني المدير رئيسا لفريق مكون من خمسة أفراد ، قبلتُ بشرط أن تكون "روس" من بين الخمسة ، فوافق مبتسماً وحالما استفسرته عن سر الابتسام صارحني أنه على رأس الزملاء والزميلات  في الشغل ، البالغ تعدادهم الثمانين، علموا بالاستلطاف الحاصل بيننا كمشروع علاقة ستتم لا محالة بالارتباط رسميا ، وأنه من اللحظة يفكر في صنف الهدية التي سيقدمها لي والعزيزة "روس" في تلك المناسبة السعيدة ، حَصَلَ هذا الموقف بحضور المعنية فصبغ الحياء وجنتيها بنور جمال ما تكرر لعيناي رؤيته إلا بعد سنين طويلة في جزيرة "مَالْطَا" . الوضعية الجديدة كرئيس فريق منحتني الحق في الحصول على سيارة أوزع بواسطتها الموظفين التابعين لي على المناطق التي أقرر اختيارها في المدينة التي نتواجد في محيطها ، وخلال العطل الأسبوعية كنت "وروس"نتنقل بها للتجوال السياحي المفعم بشعور المتعة و الانطلاق مع الرغبة البريئة (طبعا) لاكتشاف ما يوصل إليه العشق الشريف المتبادل باحترام بين امرأة ورجل يتحمل كل منهما مسؤولية الحفاظ على كل شيء كما هو لغاية اللحظة الشرعية المنبعثة منها صلاحية الغوص بلا حدود  في لذة مباحة أرادها الخالق أن تتم بالحلال ولا شيء أخر غير الحلال .
... عن حسن نية وتصميم لا يستحمل التراجع واستعداد تام لكل الاحتمالات الممكنة ، طلبتُ من "روس" أن تحدد لي موعدا مع أسرتها عامة ووالديها على وجه الخصوص كي أتقدم لخطبتها ، وبدل أن تبتهج  تجهَّمت ، لم أدرك سبب تبَدُّلِ حالها ، من انشراح قبل لحظة ، إلى حالة ما كنتُ لأقبلها دون معرفة السبب ، حاولت التهرب لكن أمام إلحاحي فجرتها في وجهي كلمات ما كنت أتوقع سماعها أبدا بعد كل هذا التعلق بدنو التحامنا في عرس خططتُ له بما يؤرخ لأجمل محطة تتوقف عندها مرحلة وحدتي قبل الانطلاق لأسرة أحتضنها بكل ما أملك لتكون مرتاحة سعيدة ، قالت لي"روس":     والدي لا يقبل بك زوجا لي إلا بشرط لا أظن أنك ستوافق عليه يا عزيزي ،
 رَفَضَت الإدلاء بفحوى الشرط  لأرى إن كنتُ قادرا على توفيره أم لا ، وكي لا تجرح كبريائي وافقت على مصاحبتي لغاية بيتها لأقابل والدها وأسمع منه مباشرة ، صراحة ليتني ما ذهبت حتى لا أطلع على ما اطلعت ُعليه ، ولا أسمع ما سمعته ، بالفعل استقبلني والد "روس"بكل مودة واحترام ، ومنذ أول ثانية ولجت فيها ذاك البيت صدمتني رائحة ألفها أنفي منذ طفولتي في حارة اليهود الكائنة بمدينة القصر الكبير، ولما وقع بصري على نجمة داوود الموضوعة قصدا على طاولة بجانب الأريكة المخصصة لجلوسي ، تيقنت أنني وسط أسرة يهودية ، الشيء  الذي لم يسبق أن حدثتني في شأنه "روس" وما همتي معرفته قبل الوقت المناسب ، وهاهو الأخير قد فرض  نفسه ، فلا داعي للحيرة . بادرني  الرجل وأسمعه عمران (كما علمت في حينه) بأدب جم :
 - أنا سعيد بمعرفتك لأعرِّفك باعتناقي كإبائي وأجدادي الدين اليهودي، مسقط رأسي في المغرب الحبيب وتحديدا في مدينة صفرو العزيزة  ، أنت مثلي مغربي مما يجعلني أفتخر بك ، لكنك  مسلم كما حكت لي عنك ابنتي "روس" التي رأتك ما مرة في غرفتك بالفندق تصلي وكما سمعتكَ مرات عديدة وأنت تتلوا القرآن، ولطالما عاتبتها ُ لعدم إخبارك بأنها يهودية  ، فكانت تتحجج بأنها تحبك وتخشى أن تفارقها حالما تغرف أنها على غير دينك ،  لذا أصارحك القول أنني لن أسمح بأن تصبح في يوم من الأيام ابنتي الوحيدة "روس" زوجة لك على الإطلاق إلا في حالة واحدة أن تتخلى أنت عن الاسلام وتعتنق ديانتنا، ساعتها سنضعك في مكانة تليق بك معززا مكرما لن ينقصك شيء لا هنا ولا في بلدك المغرب . لم أمهله حتى يتمم كلامه ، بل استأذنته بالانصراف ليعلم أن كلامه مَنَعتُ أذناي كي لا تسمعه أصلا . شعرتُ بقوة تغمرني تزيح من صدري كل دقيقة عشتها و"روس" داخل هودج الأحلام الوردية، ولم أجد بعدها من الوقت غير الذي صرفته في توديع مشغلي وتسليمه ما كان في عهدتي وأخذي مستحقاتي المالية لأغادر تلك الليلة فرنسا عائدا للمملكة البلجيكية . (للمقال صلة) 
مصطفى منيغ

Mustapha Mounirh

الأربعاء، 17 يوليوز 2019

الأردن قَرارٌ غير مضمون

جريدة القصر الكبير 2
الأردن قَرارٌ غير مضمون
عمَّان : مصطفى منيغ
لن يكونَ لبعض حكام المنطقة الأكثر تشويشاً على الأمن والسلام العالميين ، سوى  الرضوخ للمفهوم الكامل المتكامل للكلمتين ، "الرحيل العاجل" بغير اصطحابهم رصيد الشعوب في حقيبتين ، داخل طائرتين ، إحداها للتمويه وأخراها للانفلات من الرقابتين ، أُولاها معروفة أما الثانية فمن الأفضل تركها للساعتين المضبوطتين المخصَّصتين ، ما قبل العرض للتفتيش الدقيق المباشر وما بعده لتوثيق مصداقية ما قد يحدث عن يقين .
... غزة معرضة للمؤامرة المصرية الإسرائيلية بحضور نجباء أجهزة المخابرات المصرية لها ، المحددة مهامهم من طرف "السيسي" شخصياً داخل اجتماع انعقد محاطا بالسرية التامة ، هدفه الإجابة عن استفسارات مهيأة بتمعن شديد من طرف خبراء معتمَدين على تهيئ المطلوب لمواجهة المستجد بعد الاطلاع على الأجوبة المُحصل عليها المعززة بتقرير تحليلي لا يدع شيئا حتى التافه إلا وأشار إليه بشرح مستفيض ، طبعا  الإخوة القادة في حماس لا يُستهان بتكوينهم الأعلى من العالي في الميدان ، ما فاتهم سبب من أسباب الزيارة قبل أن تتم ، وأثناءها تصرفوا بواسطة مََن مثلهم بحرفية زعزعت دهاء هؤلاء القادمين من القاهرة ليتحول من مركزه العقل إلى القلب ، ماسحين شرط الأداء المخابراتي باتخاذ العاطفة ، ليس أسلوبا للتعامل بحذر، وإنما واقعا سيصبغ المهمة الحاضرين من أجل تنفيذها بلون سلبي قد يتنبه له مستقبلا خبراء السيسي ليتيقنوا أن التعاون المصري الإسرائيلي من أجل الضغط  على حماس وكل الفصائل الفلسطينية المنضبطين على الطوارئ كل لحظة وحين المستعدين لدحض كل تخطيط موجه ضدهم بتؤدة أو بطء أو على حين غرة سيجر على جمهورية مصر العربية ما ستعرفه ميادين مدنها وأريافها وفي المقدمة ميدان التحرير بالقاهرة من أمواج بشرية هادرة موحدة على شعار واحد "الأساسي رحيل السيسي"، طبعا بعدما تبين للجميع أن نفس إسرائيل تنهج ما يجعلها بامتياز العدو الأشرس والأشد كراهية للشعب المصري ، بما أحاط به سد النهضة " الأثيوبي" من منظومة صاروخية جد متطورة،  تجعل  أي اقتحام لعين المكان بمثابة مهمة مستحيلة، مما سيلحق الضرر بالنسبة لحصة مصر من مياه النيل، بمعنى أوضح ، إسرائيل تخطط ليشمل مصر القحط ، وبدل أن يتهيأ السيسي لتوقيفها عند الخط الأحمر المصري المرتبط بحياة أو موت دولة وأمة ، يسعى جاهدا لمساعدتها على تحقيق حلمها من النيل إلى الفرات . إن فلسطين أقوى بكثير من تلاعب "السيسي" وزمرته ولن يستطيع مهما حاول أن يصل إلى معلومة بسيطة جدا يهرول بها مُبشراً سيده (في تب أبيب) بنجاح مهمته ، كالطفل الصغير المهدد من والده بأشد العقوبات إن لم ينجح في الامتحان ، ومن شدة فرحه نسي إحضار ما يثبت لوالده أنه بالفعل نجح ، ولو كانت إسرائيل تملك القدرة على ما معرفة ما يجول في عقل حماس لما كلفت السيسي بنفس المهمة وهي تعلم مسبقا أنه غير ذا قائدة،  هدفها كان ولا زال تعرية حقيقته للشعب المصري ضاربة عصفورين بحجر واحد، أولا : الاطلاع بالمباشر على ردة فعل أكبر شعب عربي من المحيط إلى الخليج عددا، وهو يرى ويسمع ويلمس بالواضح وليس المرموز أن رئيسه عميل للموساد وبالتالي لإسرائيل ، وثانيا لقياس الفترة المواتية لانجاز الخطوة الموالية في تنفيذ مخطط الهيمنة المتسربة تارة باللين ومرات بالقسوة لشعوب المنطقة برمتها .
... ليس غريبا أن يكون الجناح التنفيذي للأردن  على أتم معرفة بما يدور متفننا ظل يخفي ذلك لسبب ما يتفرد به من أسلوب اعتقد أن ما يحوم حوله من عقول محشوة كلها بالقش ، مهما نادت بالنأي عن مثل سرية التعاون مع الكيان الصهيوني  اتُّهمت بالغش ، لم تعد السياسة القائمة على إظهار المسكنة دليلا على الاستقرار و السكينة، ربما اعتُمدت في الأردن ولو لفترات متقطعة ، لكن الآن جيل آخر، على الوعي المبكر لأموره يتدبر ، لم يكن التعليم الأردني الرسمي  من ساهم ولو بقليل في تربيته ما دام هذا التعليم الرسمي  نفسه يحتاج إلى تربية ومكثفه عساه يلتحق بالركب للأسف الشديد . ليس عيبا أن يخطأ الحاكم تعنتا لرأيه لكن العيب أن يفرق ما بين أفراد الشعب الواحد هذا من الأعيان وذاك عادي وأشياء أخرى لا مثيل لها إلاَّ في الأردن ليعيش جزء منه بعقلية قرون ساد فيها ما ساد والمفروض أن لا يكون حتى هذا العصر لها امتداد . الأردنيون كلهم شرفاء لا فضل لفلان على فلان إلا بالتقوى ، قد يقرأ كلامي هذا من تربى في المملكة المتحدة وشب على عقلية الإنجليز واتخذ ممّا تعلم في تلك المدارس ما أوصلته لمعرفة  أن الإنسان وطنه لسانه ودينه وليس ما يرتديه من مظاهر مهما أشاع مكانتها من انبهار، تبقى ما فرضته الظروف المؤقتة كاختيار ، الأردن بلد الشهامة والرجولة والشرف وعصارة شعوب الجزيرة العربية ، فلتدعه السلطة الرسمية الحاكمة، مهما لقَّبت نفسها ، على أصله وأن تراجع موقفها من حلف نتنياهو / السيسي المُعدي . (للمقال صلة).
مصطفى منيغ
Mustapha Mounirh